فصل: تابع باب الهَمْزَة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معجم القواعد ***


تابع باب الهَمْزَة

أَمَا الاستفتاحيّة‏:‏

بفتح ما، وهي التي تكْثُرُ قَبْلَ القَسَم، وهي كلمةٌ واحِدٌ، كقول أبي صَخْر الهُذَلي‏:‏

أَمَا والذي أَبْكَى وأَضْحَك والذي *** أمَاتَ وأحْيَا والذي أَمْرُه الأمْرُ

أَمَا بمعنى حقًا‏:‏

هما كَلِمَتَانِ‏:‏ الهَمْزَةُ للاستفهام، و ‏"‏ما‏"‏ بمعنى شيءٍ، وذلك الشيء ‏"‏حَقّ‏"‏، فمعنى ‏"‏أما‏"‏‏:‏ ‏"‏أَحقًّا‏"‏ و ‏"‏أما‏"‏ هذه تُفتح ‏"‏أنَّ‏"‏ بعدها، كما تُفْتَح بعد حقًّا وإعرابُها‏:‏ الهمزةُ للاستفهام، وموضعُ ‏"‏مَا‏"‏ النصب على الظرفية كما انتصب ‏"‏حقًّا‏"‏‏.‏

‏(‏=حَقًَّا‏)‏‏.‏

امْرُؤ‏:‏

فيه لُغَتَان‏:‏ ‏"‏امْرُؤٌ‏"‏ و ‏"‏مرْؤٌ‏"‏ وهمزةُ الأوَّل للوَصْل ولا تدخلُ الأَلِف واللام إِلاَّ على الثاني وهو ‏"‏المَرْء‏"‏‏.‏

وأمَّا ‏"‏امْرُؤ فَتَتْبَع الراءُ فيها الهمزةَ بحركاتِها رفعًا ونَصْبًا وجَرًّا، تقول‏:‏ هذا امْرُؤٌ، ورأيتُ امْرًَا، ومَرَرْتُ بامْرِئٍ‏.‏

امْرَأَة‏:‏

فيها أيْضًا لُغَتَان‏:‏ امْرَأةٌ ومَرْأةٌ‏.‏ وفي الأولى همزةٌ الوَصْلِ، فإذا أدخلوا الأَلِفَ واللاَّمَ أدخلوها على الثانية خَاصَّة دونَ الأولى فقالوا‏:‏ ‏"‏المَرْأة‏"‏‏.‏

أمَّا‏:‏

-1 مَاهِيَّتُها‏:‏

هيَ حَرْفٌ فيه مَعْنى الشَّرطِ والتَّوكيد دائمًا، والتفصيلِ غالبًا، يَدُلّ على الأَوَّل‏:‏ لزومُ الفاءِ بعدها نحو ‏{‏فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُون أنَّهُ الحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ‏.‏ وأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذا أَرَادَ اللَّهُ بِهذا مثلًا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏26‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏ وهي نَائِبَةٌ عَنْ أَدَاةِ الشَّرطِ وجُمْلَتِهِ، ولهذا تُؤَوَّلُ بـ ‏"‏مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيء‏"‏‏.‏

ويدل على الثاني‏:‏ أَنَّك إذا قصدْتَ توكيد ‏"‏زيدٌ ذاهبٌ‏"‏‏.‏ قلتَ‏:‏ ‏"‏أَمَّا زيدٌ فَذَاهِبٌ‏"‏ أيْ لا محالة ذاهبٌ‏.‏ ويَدُلُّ على التَّفْصِيلِ استقراءُ مواقعِها نحو‏:‏ ‏{‏أَمَّا السَّفينَةُ فَكَانَتْ لِمساكينَ يَعْمَلُونَ في البحْر وأَمَّا الغُلامُ وأَمَّا الجِدَارُ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏78 و 79 و 80‏"‏ من سورة الكهف ‏"‏18‏"‏‏)‏ الآيات ونحو‏:‏ ‏{‏فَأَمَّا اليَتِيمَ فلا تَقْهَر، وأَمَّا السَّائِل فلا تَنْهَرْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏9 - 10‏"‏ من سورة الضحى ‏"‏93‏"‏‏)‏‏.‏

وَقَدْ يُتْرَكُ تَكْرَارُهَا اسْتِغْنَاءً بذكرِ أحَدِ القِسْمَيْن عنِ الآخَرِ، أو بِكَلاَمٍ يُذْكَرُ بَعْدَها‏.‏ فالأوَّلُ‏:‏ كقولِه تَعَالى‏:‏ ‏{‏فأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بالله واعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ في رَحْمَةٍ مِنْهُ وفَضْلٍ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏175‏"‏ من سورة النساء ‏"‏4‏"‏‏)‏‏.‏ والثاني‏:‏ نحو‏:‏ ‏{‏فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنه ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏7‏"‏ من سورة آل عمران ‏"‏3‏"‏‏)‏ أيْ وأَمَّا غيرُهُمْ فيُؤمِنُونَ بِهِ ويَكِلُون مَعْنَاهُ إلى رَبِّهِمْ‏.‏ وقد يَتَخلَّفُ التَّفصيل كقولك‏:‏ ‏"‏أَمَّا عليٌّ فمُنْطَلِقٌ‏"‏‏.‏ كما تَقدَّم‏.‏

-2 وُجُوبُ وُجُودِ الفاءِ بعدَها وقد يجبُ حَذفُها‏.‏

لا بُدَّ من ‏"‏فَاءٍ‏"‏ تَالِيَةٍ لِتالي ‏"‏أما‏"‏ لِمَا فيها مِنْ مَعْنى الشَّرْط، ولا تُحذَفُ إلاَّ إذا دَخَلَتْ عَلى ‏"‏قَوْلٍ‏"‏ قد طُرح استِغْنَاءً عنه بالمَنْقُول، فيَجِبُ حذفُها معه نحو‏:‏ ‏{‏فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏106‏"‏ من سورة آل عمران ‏"‏3‏"‏‏)‏ أي فَيُقَالُ لهم‏:‏ أَكَفَرْتُمْ‏.‏ ولا تُحْذَفُ في غير ذلك إلاَّ في ضَرورةٍ كقول الشاعر يَهْجُو بَني أسَد‏:‏

فَأَمَّا القِتَالُ لا قِتَالَ لَدَيْكُمُ *** وَلَكِنَّ سَيْرًا فِي عِرَاضِ المَوَاكِبِ

‏(‏لا قتال‏:‏ خبر، والرابط إعادة المبتدأ بلفظه‏.‏ وخبر لكن محذوف التقدير‏:‏ لديكم‏)‏

-3 دخولُ ‏"‏أما‏"‏ على أَدَاة الشَّرْط‏:‏

إذا اجْتَمَعَ شَرْطَان ‏"‏أَمَّا وإنْ الشَّرْطية‏"‏ كان الجوابُ للسَّابق مِنْهُما فَأَغْنَى عن جَوَابِ الشَّرْطِ الثاني، وذلكَ إذا كانَ فِعْلُ الشَّرْطِ ماضِيَ اللَّفْظ نحو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأمَّا إنْ كانَ مِنْ أَصْحَابِ اليَمين فَسَلامٌ لكَ مِنْ أصْحَابِ اليَمين‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏90 - 91‏"‏ من سورة الواقعة ‏"‏56‏"‏‏)‏‏.‏ الفاءُ في جواب ‏"‏أما‏"‏ والفاءُ وما بَعْدَها يسُدَّان مَسَدَّ جَوَاتِ ‏"‏إن‏"‏‏.‏

-4 ما يُفْصَلُ بَيْنَ ‏"‏الفاءِ‏"‏ و ‏"‏أما‏"‏‏:‏

يُفْصَلُ بَيْنَ ‏"‏الفَاءِ‏"‏ و ‏"‏أما‏"‏ بالمبتدأ نحو‏:‏ ‏"‏أَمَّا مُحَمَّدٌ فَمُسَافِرٌ‏"‏ أو بالخَبَر نحو‏:‏ ‏"‏أَمَّا في الدَّارِ فإبراهيمُ‏"‏ أو بِجُمْلَةِ الشَّرْط نحو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَأَمَّا إنْ كَانَ مِنَ المُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏88 - 89‏"‏ من سورة الواقعة ‏"‏56‏"‏‏)‏‏.‏ أو باسمٍ مَنْصُوبٍ بالجوابِ نحو ‏{‏فَأَمَّا اليَتيمَ فَلا تَقْهَرْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏9‏"‏ من سورة الضحى ‏"‏93‏"‏‏)‏‏.‏ أو باسمٍ مَعْمُولٍ لمَحْذُوفٍ يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَ الفاء، نحو‏:‏ ‏"‏أَمَّا مَن قَصَدَكَ فأغِثْه‏"‏ أو بظرْفٍ مَعْمُولٍ لـ ‏"‏أما‏"‏ نحو ‏"‏أَمَّا اليَوْمَ فَإِنِّي ذَاهِبٌ‏"‏‏.‏ ويقول سيبويه‏:‏ واعلم أن كُلَّ موضعٍ تقع فيه ‏"‏أنَّ‏"‏ تقع فيه ‏"‏أنَّما‏"‏ فمن ذلك قولُه تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ إنَّما أَنَا بَشَر مِثْلُكُمْ يُوحَى إلَيَّ أَنَّما إلهُكُمْ إلهٌ وَاحِدٌ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏110‏"‏ من سورة الكهف ‏"‏18‏"‏‏)‏‏.‏

وقال ابْنُ الأطْنَابة‏:‏

أبْلِغْ الحَارِثَ بنَ ظَالِمَ المَوْـــــــعِدَ والنَّاذِرَ النذورَ عَلَيًّا

إنما تَقْتُلُ النِّيامَ ولا *** تقْتُلُ يَقْظَانَ ذَا سِلاَحٍ كَمِيًّا

إمّا الشّرطيّة‏:‏

هي غيرُ ‏"‏أما‏"‏ التي وُضِعَتْ لأَحَدِ الشَّيئينِ وإنما هِيَ عِبَارَةٌ عن ‏"‏إن‏"‏ الشَّرْطِيَّة و ‏"‏ما‏"‏ الزَّائِدة، نحو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَإمَّا تَرَيِنَّ منَ البَشَرِ أَحَدًا فَقُولي‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏26‏"‏ من سورة مريم ‏"‏19‏"‏‏)‏ ففِعلُ الشَّرط ‏"‏تَرَيِنَّ‏"‏ وجوابه ‏"‏فَقولي‏"‏ والفاءُ رابطةٌ للجواب‏.‏

إِمَّا‏:‏

إِمَّا في الخَبَر بمنزلة ‏"‏أو‏"‏ وهي لأَحَدِ الشَّيْئَين أوِ الأَشْيَاء، وَيَرَى الخليلُ وسيبويه‏:‏ أنَّ ‏"‏أما‏"‏ هذه إنَّما هي ‏"‏إن‏"‏ ضُمَّتْ إليها ‏"‏مَا‏"‏ ولا يجوزُ حذفُ ‏"‏ما‏"‏ إلاّ أنْ يُضْطَّر الشاعر فيقول‏:‏

لقَد كَذَبَتْكَ نَفْسُك فاكْذِبَنْها *** فإنْ جَزَعًا وإنْ إجمالَ صَبْرِ

المعنى‏:‏ فإمّا جزعًا‏.‏ إلخ‏.‏

‏(‏=إن بمعنى إمّا‏)‏‏.‏

والفَرْقُ بَيْنَ أوْ وإمّا - كما يقول المبرد - أَنَّكَ إذَا قلتَ‏:‏ جاءني زَيدٌ أو عَمْروٌ وقَعَ الخَبر في زيدٍ يقينًا حتى ذكرت، أَوْ فَصارَ فِيهِ وَفي عَمْروٍ شَكٌّ‏.‏ وإمّا تَبْتَدِئ بها شَاكًّا، وذلك قولك‏:‏ جاءني إمَّا زيدٌ وإمّا عَمْروٌ، أَيْ أَحَدَهُما‏.‏

وَيَتَفَرَّع عن ‏"‏أما‏"‏ خَمْسَةُ مَعَانٍ‏:‏

‏(‏أحدُها‏)‏ الشكُّ نحو ‏"‏سيَقْدَمُ إمَّا زَيْدٌ وإمَّا أَحْمَدُ‏"‏ وتبدأ بالشك‏.‏

‏(‏الثاني‏)‏ الإِبهام نحو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأمْرِ اللَّهِ إمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏106‏"‏ من سورة التوبة ‏"‏9‏"‏‏)‏‏.‏

‏(‏الثالث‏)‏ التَّخْيِيرُ نحو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إمَّا أنْ تُعَذِّبَ وإمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏86‏"‏ من سورة الكهف ‏"‏18‏"‏‏)‏‏.‏

‏(‏الرابع‏)‏ الإِبَاحَةُ نحو ‏"‏إقْرأ إمَّا شِعْرًا وإمّا قِصَّةً‏"‏‏.‏

‏(‏الخامس‏)‏ التَّفْصيل نحو ‏{‏إمَّا شَاكِرًا وإمَّا كَفُورًا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏3‏"‏ من سورة الدهر ‏"‏76‏"‏‏)‏‏.‏

و ‏"‏أما‏"‏ في هذه المعاني كـ ‏"‏أو‏"‏ إلاَّ أن ‏"‏أما‏"‏ يجب تكرارُها و ‏"‏أو‏"‏ لا تتكرَّر‏.‏

وقد يُسْتَغْنَى عن ‏"‏أما‏"‏ الثَّانِية بذكر ما يُغْني عنها نحو ‏"‏إمَّا أن تَتَكَلَّمَ بخيرٍ وإلاَّ فَاسْكُتْ‏"‏‏.‏

أمَام‏:‏

منْ أسماءِ الجهاتِ وهيَ ظَرْفُ مَكانٍ، ولها أحكام‏.‏ ‏(‏=قبل‏)‏‏.‏

أَمَامَكَ‏:‏

اسمُ فعلِ أمْرٍ ومعناه‏:‏ تَقَدَّمْ‏.‏

‏(‏=اسم الفعل 5‏)‏‏.‏

أَمْثِلَةُ مُبَالَغَةِ اسمِ الفَاعِل‏.‏

‏(‏=مبالغَةُ اسمِ الفَاعلِ 2‏)‏‏.‏

الأمْر‏:‏

-1 تعريفُه‏:‏

مَا يُطْلَبُ به حُصُولُ شيءٍ نحو ‏"‏اقرأ‏"‏ ‏"‏تعلَّمْ‏"‏ ‏"‏دَحْرِجْ‏"‏ ‏"‏انْطَلِقْط ‏"‏اسْتَغْفِر‏"‏‏.‏

-2 علامته‏:‏

أَنْ يَقْبَلَ نُونَ التَّوكيد مع دَلالَتِهِ على الأمْر ‏(‏فإنْ قبِلتْ كلمةٌ نون التوكيد ولم تَدُلَّ على الأَمْر فهي فِعلٌ مُضارع نحو ‏{‏لَيُسْجَنَنَّ وليَكُونًا‏}‏ من الآية ‏"‏32‏"‏ من سورة يوسف‏.‏ وإن دَلَّت على الأمر ولم تقبل النون فهي اسمُ فعل أمْر كـ ‏"‏نَزَالِ‏"‏ بمعنى انْزِل و ‏"‏درَاكِ‏"‏ بمعنى أدْرِك، و ‏"‏أمين‏"‏ بمعنى استجب‏)‏‏.‏

-3 حُكْمه‏:‏

الأمرُ مَبْنِيُّ دَائِمًا والأَصْلُ في بنائه السُّكُونُ وغيرُ السُّكُون عَارِضٌ لسبب‏.‏

وقيل‏:‏

‏(‏أ‏)‏ يُبنى عَلى السُّكون إذا كانَ صحيحَ الآخِر نحو ‏"‏اكْتُبْ تَعَلَّمْ‏"‏ أو اتصلَ به نونُ النِّسْوَة نحو ‏"‏اكتُبْنَ‏"‏‏.‏

‏(‏ب‏)‏ وقد يُبْنى على حَذْفِ حَرْفِ العِلَّة إن كانَ مُعْتَلَّ الآخر نحو ‏"‏اسعَ اسمُ ارْتَقِ‏"‏‏.‏

‏(‏جـ‏)‏ وعلى حَذْفِ النونِ إذا اتَّصَلَ بِهِ أَلِفُ الاثْنَين أوْ واوُ الجَمَاعَةِ أو يَاءُ المُخَاطَبة نحو ‏"‏اسْمَعَا اسْمَعُوا اسْمَعِي‏"‏‏.‏

‏(‏د‏)‏ ويُبْنى على الفَتْح إذا اتَّصَلَ به نونُ التَّوْكِيد نحو ‏"‏اكْتُبَنَّ‏"‏‏.‏ وما قِيل بأنَّ الأمْرَ مُعْرَبٌ مَجْزُومٌ فَهْو قولُ الكُوفِيين ورَدَّه البَصْرِيُّون‏.‏ والأصحُّ أن يُقال‏:‏ يُبْنى على ما يُجْزَمُ به مُضارِعُه‏.‏

-4 أخْذُهُ مِن المضارع‏:‏

يُؤخَذُ الأمرُ مِنَ المضارعِ بِحَذْفِ حَرْفِ المُضارَعَةِ فقط كـ ‏"‏تَشَارَكْ‏"‏ فإن كانَ أوَّلُ الباقي بعدَ الحذفِ سَاكِنًا جئتَ بهمزةِ الوَصْلِ مكسورةً كـ ‏"‏اضرِبْ‏"‏ و ‏"‏اجْلِسْ‏"‏ و ‏"‏افْهَمْ‏"‏ إلاَّ في الفِعْل الثلاثي المضمومِ العَيْنِ في المُضَارِع فتكون مضمُومةً كـ ‏"‏انْصُرْ‏"‏ و ‏"‏اكْتُبْ‏"‏ أَمَّا الأمرُ من ‏"‏أكْرَمَ‏"‏ فإنَّه يكونُ بِفَتْحِ الهَمْزَةِ وكَسْرِ ما قَبْلَ آخِرِه‏.‏ وذلكَ لأنَّها هَمْزَةُ قَطْعٍ لا وَصْلٍ فتقول‏:‏ ‏"‏أَكْرِمْ‏"‏‏.‏ وتُحْذَفُ فاءُ المِثَالِ ‏(‏المثال‏:‏ ما كان فاؤه حرف علة‏)‏ من الأمرِ حَمْلًا على حَذْفِها في المُضارع كـ ‏"‏عِدْ‏"‏ و ‏"‏زنْ‏"‏‏.‏

-5 الأَمْرُ مِنْ حَرْفٍ واحِدٍ‏:‏

قَدْ يُحذَفُ حَرْفُ العِلَّة من الأَمْرِ المُعْتَلّ فلا يَبْقَى مِنه إلاَّ حَرْفٌ واحد نحو‏:‏ ‏"‏إِ‏"‏ أمْرٌ أي عِدْ من ‏"‏الوَأْي‏"‏ كـ ‏"‏الوَعْد‏"‏ لَفْظًا ومعنى‏.‏ ونحو ‏"‏قِ‏"‏ أمْرٌ مِنَ ‏"‏وَقَى يَقِي‏"‏ و ‏"‏ل‏"‏ أمْرٌ مِنْ وَلِيَ الأمرَ يَلِيه، ونحو ‏"‏شِ‏"‏ أمْرٌ من ‏"‏وَشَى الثَّوبَ يَشِيهِ‏"‏ نَقَشَه، ومثلُه ‏"‏دِ‏"‏ أمْرٌ من ‏"‏وَدَاهُ يَدِيه‏"‏ دَفَعَ دِيّتَه، و ‏"‏ر‏"‏ أَمْرٌ من ‏"‏رَآى يَرَى‏"‏ من الرأي، و ‏"‏ع‏"‏ أمْرٌ مِنْ ‏"‏وَعَى يَعِي‏"‏ حَفِظَ وتَدَبَّر، و ‏"‏ن‏"‏ أمْر من ‏"‏وَنَى ينى‏"‏‏:‏ فتر، ‏"‏فِ‏"‏ أمْرٌ من ‏"‏وَفى بالعَهْدِ يَفِي‏"‏ فهذهِ الأفْعَالُ كُلُّها بالكَسْرِ إلاَّ ‏"‏رَ‏"‏ بفَتْحِ عينِ مُضارعه، وكلُّها مُتَعدِّية إلاَّ ‏"‏نِ‏"‏ فلازِمٌ لأنه بمعنى تَأَنَّ‏.‏

والأَوْلَى في هذا الأمْرِ الحَرْفِي أنْ تُتْبِعَه بِهَاءِ السَّكْت، فتقول مثلًا‏:‏ قِهْ، ورَهْ، وهكذا غيرها‏.‏

أَمْسَى‏:‏

تأتي‏:‏

‏(‏1‏)‏ نَاقِصَةً مِنْ أَخَواتِ ‏"‏كان‏"‏ وهي تَامَّةُ التّصرفِ، وتُسْتَعمَلُ مَاضيًا، ومُضَارِعًا، وأَمْرًا ومَصْدَرًا نحو‏:‏ ‏"‏أَمْسَى خَالدٌ رَاضيًا مَرْضيًا‏"‏‏.‏ و ‏"‏يمْسي الضَّيفُ مُكَرَّمًا‏"‏ ولها مَع كَانَ أحكامٌ أخرى‏.‏

‏(‏=كان وأخواتها‏)‏‏.‏

‏(‏2‏)‏ تَامَّة فَتَكْتَفي بمرفوعها ويكونُ فاعلًا لها، وذلك حِينَ يكونُ مَعْنَى ‏"‏أَمْسَى‏"‏ دَخَلَ في المَسَاءِ نحو قولِه تَعَالى‏:‏ ‏{‏فَسُبْحَانَ اللَّهِ حين تُمْسُونَ وحِينَ تُصْبِحُونَ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏17‏"‏ من سورة الروم ‏"‏30‏"‏‏)‏‏.‏

أَمْسِ‏:‏

اسمُ عَلَمٍ على اليوم الذي قبل يومِكَ، ويُستعمل فيما قَبْلَه مَجازًا وهو مبنيُّ على الكسر ‏(‏وبنو تميم تُعربه إعْراب ما لا يتصرف فتقول‏:‏ ‏"‏ذهبَ أمسُ بما فيه‏"‏ برفع ‏"‏أمس‏"‏‏)‏، إلاَّ أن يُنْكَّر بأن يُرادَ به يومٌ مَا فيُنَوَّن، أو يُكَسَّر ‏(‏يكسر‏:‏ أي يجمع جمع تكسير‏)‏، أو دَخَلتْهُ ‏"‏ألْ‏"‏ أَوْ أُضيفَ، أُعْرِب بإجْماع‏.‏

أنْ‏:‏

بمَعْنى ‏"‏لِئِلا‏"‏ كقَوْلِكَ ‏"‏رَبْطتُ الفَرَس أنْ تَنْطَلِق‏"‏ أي لِئَلا تَنْطَلِق‏.‏

قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏يُبَيِّن اللَّهُ لكمْ أَنْ تَضِلُّوا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏176‏"‏ من سورة النساء ‏"‏4‏"‏‏)‏‏.‏ مَعنَاه لِئَلا تَضلوا، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَلْقَى في الأرضِ رَوَاسِيَ أنْ تَميدَ بكُم‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏15‏"‏ من سورة النحل ‏"‏16‏"‏‏)‏‏.‏ أي‏:‏ لئلا تَمِيدَ بكم، وقال‏:‏ ‏{‏إنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمواتِ والأرضَ أنْ تَزُولاَ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏41‏"‏ من سورة فاطر ‏"‏35‏"‏‏)‏ معناه ألاَّ تَزولا‏.‏

وقال عمرو بن كلثوم‏:‏

نَزَلتُم مَنْزِلَ الأَضْيَافِ مِنَّا *** فَعَجَّلْنَا القِرَى أنْ تَشْتِمُونا

والمعنى‏:‏ لئلا تَشْتِمُونا‏.‏

والأَوْلى في مثلِ هذا أنْ يُقَدَّرَ مُضَافٌ فالمعنى في قولِكَ‏:‏ ‏"‏ربطتُ الفرَسَ أنْ تَنْطِلق‏"‏ خَوْفَ أَنْ تَنْطلق، كذلك المَعْنى في الآية الأولى‏:‏ يبيّن الله لكم خَشْيَةَ أَنْ تَضِلّوا، وكذلك‏:‏ وَأَلْقَى في الأرْضِ رَوَاسِيَ خَشْيَةَ أنْ تَمِيدَ بكم، وكذَلِكَ في البيت‏:‏ فَعَجَّلْنا القِرَى خَشْيَة أن تَشْتِمُونَا‏.‏

والمُضافُ المحذُوف‏:‏ مفعولٌ لأجْلِه‏.‏

إنْ بمعْنى إما‏:‏

قد تكونُ ‏"‏إن‏"‏ في بعْضِ حالاتِها بمعنى ‏"‏أما‏"‏ وعلى ذلك قول دُرَيد بن الصِّمَّة‏:‏

لقد كَذَبْتَكَ نَفْسُك فاكْذِبَنْها *** فإنْ جَزَعًا وإنْ إجْمَالَ صَبْر

قال سيبويه‏:‏ فهذا مَحْمُولٌ على ‏"‏أما‏"‏ وليسَ على الجزاء، يريد أنَّ ‏"‏إن‏"‏ في هذا البيت يُرادُ بِها أحَدُ الشَّيْئين، فاضَّطُر الشاعرُ فحذفَ ‏"‏ما‏"‏ فَبَقِيَتْ ‏"‏إن‏"‏ والمَعْنى‏:‏ فإمَّا‏.‏ ومثلُه قَوْلُ النِّمر بن تولِب‏:‏

سَقَتْه الرَّواعدُ مِنْ صَيِّف *** وإنْ مِنْ خَرِيفٍ فَلَنْ يَعدَما

قال سيبويه‏:‏ يريد‏:‏ وإمَّا مِنْ خَرِيفٍ‏.‏

وقال الأصمعي‏:‏ ‏"‏إن‏"‏ ههنا بمعنى الجَزَاء، أرَادَ‏:‏ وإنْ سَقَتْه مِنْ خَرِيفٍ فَلَنْ يَعدَمَ الرَّيّ، وبهذا القَولِ أخَذَ المُبرِّد وقال‏:‏

لأَنَّ ‏"‏أما‏"‏ تكون مُكَرَّرَة، وهي ههنَا غير مكرَّرة، وهي ههنَا غير مكرَّرة، ويجبُ على قولِ الأصْمعي‏:‏ أنَّه يَعْدَم الرَّيَّ، لأنه قال‏:‏ وإن سَقَتْه من خَريفٍ فلن يعدَمَ الرَّي‏.‏

فكأَنَّه يعدَم الرَّي إن لم يَسقِه الخَريف‏.‏

كما قال الهَرَوِيُ، وليس هذا مرادًا‏.‏

أَنْ الزَّائِدَة‏:‏

هيَ التَّالِيةُ لـ ‏"‏لَمَّا‏"‏ الحينية نحو‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا أنْ جَاءَ البَشِيرُ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏96‏"‏ من سورة يوسف ‏"‏12‏"‏‏)‏‏.‏ ومثلُه قولُ لَيلى الأَخيلية‏:‏

ولَمَّا أنْ رَأَيْتُ الخَيْلَ قُبْلًا *** تُبَارِي بالخُدُودِ شَبَا العَوَالي

والواقِعَةُ بينَ الكَافِ ومجرورِها كقول كَعب بن أرْقَمَ اليَشْكري‏:‏

ويَومًا تُوافِينا بِوَجْهٍ مُقَسَّمٍ *** كأَنْ ظَبْيَةٍ تَعْطُة إلى وَارِقِ السَّلمَ

أو بَيْنَ فعلِ القَسَم وَلَوْ، كقولِ المسيَّبِ ابْنِ عَلَس‏:‏

فَأُقْسِمُ أَنْ لَوْ الْتَقَيْنَا وَأَنْتُمْ *** لكانَ لكُم يومٌ مِن الشَّرِّ مُظلِمُ

‏(‏الرواية الصحيحة ‏"‏وأقسم لو أنا التقينا‏"‏ ولا شاهد فيه‏)‏

أَنْ المُخَفَّفَة مِنَ الثّقيلة‏:‏

هي الوَاقِعَةُ بَعْدَ عِلْمٍ نحو ‏{‏عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏20‏"‏ من سورة المزمل ‏"‏73‏"‏‏)‏‏.‏

وأَجْرَى سيبويه والأخْفَشُ‏:‏ ‏"‏أَنْ‏"‏ هذه بعد الخَوْف مُجراهَا بَعْدَ العِلْم، لتَيقُّنِ المَخُوف نحو ‏"‏خفْتُ ألاَّ تَفْعلُ‏"‏ و ‏"‏خشِيْتُ أَنْ تَقُومُ‏"‏ ومِثلُ ذلك أَنْ تَقَع بعد نحو ‏"‏أكثرُ قَوْلي أنْ بَكْرٌ ظريفٌ‏"‏ ومثله ‏"‏أَوَّلُ مَا أَقُولُ أنْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيم‏"‏‏.‏

ومثله‏:‏ ‏{‏وآخِرُ دَعْوَاهُم أنِ الحمدُ لله ربِّ العَالمين‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏10‏"‏ من سورة يونس ‏"‏10‏"‏‏)‏‏.‏

أمَّا الواقعةُ بَعْدَ الظَّنِّ فالأَرْجَحُ أنْ تَكُونَ ناصِبَةً، لذلك أجْمَعَ القراءُ عليه في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَحَسِبَ النَّاسُ أن يُتْرَكُوا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏2‏"‏ من سورة العنكبوت ‏"‏29‏"‏‏)‏‏.‏ ويجوزُ اعْتِبَارُها مُخَفَّفةً كَقِراءَة‏:‏ ‏{‏وَحَسِبوا أَلاَّ تَكُونُ فِتْنَة‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏71‏"‏ من سورة المائدة ‏"‏5‏"‏‏)‏‏.‏

وإذا خُفِّفَتْ ‏"‏أَنْ‏"‏ المَفْتُوحةُ يَبْقَى العَمَلُ وُجُوبًا، ولكن يَجَبُ في اسمِها كونُهُ مُضْمَرًا مَحْذُوفًا‏.‏

وأمَّا قولُ عمرة بنت ابن العَجْلان‏:‏

بأَنْكَ ربيعٌ وغَيْثٌ مَرِيعٌ *** وأَنْكَ هناكَ تكونُ الثِّمَالاَ

فضرورة ويجبُ في خَبَرِها أنْ يَكُونَ جُملةً، فإنْ كَانَتْ اسْمِيَّة، أو فِعْليَّةً فِعْلُها جَامِدٌ، أو دُعاء، لم تحتج إلى فاصل نحو‏:‏ ‏{‏وآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الحَمْدُ للَّهِ رَبِّ العَالَمِينِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏10‏"‏ من سورة يونس ‏"‏10‏"‏‏)‏‏.‏ ‏{‏وَأَنْ لَيْسَ للإِنْسَانِ إِلاَّ ما سَعَى‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏39‏"‏ من سورة النجم ‏"‏53‏"‏‏)‏‏.‏ ‏{‏والخَامِسَةَ أَنْ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْها‏}‏‏(‏الآية ‏"‏9‏"‏ من سورة النور ‏"‏24‏"‏‏)‏‏.‏ والقِراءةُ المشهورَةُ‏:‏ ‏{‏أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا‏}‏‏.‏ بتشديد نون أنَّ‏.‏ ويَجِبُ الفَصْلُ في غَيْرِهِنَّ بـ ‏"‏قَدْ‏"‏ نحو ‏{‏وَنَعْلَم أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏113‏"‏ من سورة المائدة ‏"‏5‏"‏‏)‏‏.‏ أَوْ ‏"‏تَنْفَيس‏"‏ نحو ‏{‏عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏20‏"‏ من سورة المزمل ‏"‏73‏"‏‏)‏‏.‏ أَوْ ‏"‏نَفْيٍ بِلاَ أَوْ لَنْ أَوْ لَمْ‏"‏ نحو ‏{‏وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُون فِتْنَة‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏71‏"‏ من سورة المائدة ‏"‏5‏"‏‏)‏، على قراءة الرفع في تكونُ ‏{‏أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيهِ أَحَد‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏5‏"‏ من سورة البلد ‏"‏90‏"‏‏)‏ ‏{‏أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَد‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏7‏"‏ من سورة البلد ‏"‏90‏"‏‏)‏‏.‏ على جواز أن تأتي أن المخففة بعد الظَّن، أو ‏"‏لو‏"‏ نحو ‏{‏أَنْ لَوْ نَشَاءُ أصَبْنَاهُمْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏100‏"‏ من سورة الأعراف ‏"‏7‏"‏‏)‏‏.‏ ‏{‏وأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏16‏"‏ من سورة الجن ‏"‏72‏"‏‏)‏‏.‏ وَيَنْدُرُ تَرْكُ الفَصْلِ بواحِدٍ منها كقوله‏:‏

عَلِمُوا أَنْ يُؤَمَّلُون فَجَادُوا *** قَبْلَ أَنْ يُسْأَلُوا بأعْظَمِ سُؤْل

أن التَّفْسِيرية‏:‏

أنْ هذه بمنزِلةِ أَيْ، وذلك مثلُ قولِه عز وجل‏:‏ ‏{‏وانْطَلَقَ المَلأُ مِنْهُمْ أنِ امْشُوا واصْبِرُوا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏6‏"‏ من سورة ص ‏"‏38‏"‏‏)‏ لأنَّك إذا قلت‏:‏ ‏"‏انطَلَق بنو فلان أنِ امشوا، فأنْتَ لا تُرِيدُ أن تُخبر أنَّهم انْطَلَقُوا بالمَشْي ومثلُ ذلكَ‏:‏ ‏{‏مَا قُلْتُ لَهُمْ إلاَّ ما أَمَرَتني بِهِ أنِ اعبُدُوا اللَّهَ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏117‏"‏ من سورة المائدة ‏"‏5‏"‏‏)‏ ومثل هذا في القرآن كثير‏.‏

وأمَّا قولُه‏:‏ ‏"‏كتبتُ إليه أنِ افْعَلْ‏"‏ و ‏"‏أمَرْتُهُ أنْ قُمْ‏"‏ فيكون على وجهين‏:‏

على أنْ تكون ‏"‏أنْ‏"‏ التي تَنْصِبُ الأفعال وصَلْتَها بِفِعلِ الأَمْر‏.‏ والوَجْهُ الآخَرُ أنْ تكونَ بِمَنْزِلَةِ ‏"‏أيْ‏"‏ كما كانت في الأول‏.‏

وأما قوله عز وجل‏:‏ ‏{‏وآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الحَمْدُ للَّهِ رَبِّ العَالَمين‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏10‏"‏ من سورة يونس ‏"‏10‏"‏‏)‏ فأنْ هُنَا مُخَفَّفَةٌ من الثّقِيلة‏.‏

والمُتَأَخِّرُون يَقُولُون في تعريف ‏"‏أنْ‏"‏ المفسِّرة هي التي يَسْبِقُها مَعْنَى القَولِ دُونَ حُروفِهِ، ويكون بَعْدَهَا جملةٌ‏.‏

أَنْ المَصْدَرِيَّة‏:‏

هي أَحدُ نَواصِبِ المُضارع، وهي والفعلُ بمنزِلةِ المَصْدَر، وعلى هذا يجوز تَقْدِيمُها وتَأْخِيرُها، وتَقَعُ في كُلِّ مَوْضعٍ تَقَعُ فيه الأسْماء، إلاّ أنَّ المضارعَ بَعْدَهَا لِمَا لم يَقَع - أي للمُستَقبل نحو قولك‏:‏ ‏"‏أَنْ تَأْتِيَني خَيرٌ لك‏"‏ وقَوْلِه تعالى‏:‏ ‏{‏وأْن تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏184‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏ و ‏"‏يسُرني أنْ تَجلِسَ‏"‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏والذي أطْمعُ أنْ يَغْفِرَ لي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّين‏}‏‏.‏

وإن وَقَعَتْ على فِعلٍ ماضٍ كانتْ مَصْدَرًا لِمَا مَضَى، تَقول‏:‏ ‏"‏سَرَّني أنْ قُمتَ‏"‏ وقال الله عز وجل‏:‏ ‏{‏وامرأةً مُؤمِنَةً أنْ وَهَبتْ نَفْسَها للنبي‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏50‏"‏ من سورة الأحزاب ‏"‏33‏"‏‏)‏ قراءة بِفَتْحِ أنْ، ونحو ‏"‏سَاءَني أنْ كَلَّمَكَ زَيْدٌ وأَنْتَ غَضْبان‏"‏ أي لهذه العِلَّةِ‏.‏ وتقول ‏"‏عَسَى زيدٌ أن يَقْرَأَ‏"‏ أنْ مع الفعل بتأويل المصدر، ولكنْ لا يجوزُ أنْ تُظهِر المصدَرَ مع عَسَى، فتقولَ ‏"‏عَسَى زيدٌ القيام‏"‏ لأنَّ المصدَرَ يكونُ للماضِي والحَاضِرِ والمستقبل و ‏"‏عسَى‏"‏ إنما تُعدُّ لما يَقَعُ و ‏"‏أنْ‏"‏ النَّاصِبَةُ لا تَقَعُ ثابِتَةً، وإنَّما تَقَعُ مَطْلُوبةً أو مُتوَقِّعَة نحو ‏"‏أرْجُو أنْ تَذهب‏"‏ ‏"‏وأتَوقَّع أنْ تأتي‏"‏ أما الثَّابِتة التي لا تَقَعُ إلاّ بعدَ ثابتٍ فهي المُخَفَّفَةُ من الثقيلة، وإذا وَقَعتْ بعدَها الأفْعالُ المُسْتَقْبلة وكانَتْ بينَها وبينَها ‏"‏لا‏"‏ فإن عَمَلها على حالِه، تقول‏:‏ ‏"‏أُحِبُّ أَلاَّ تَذْهَب‏"‏ و ‏"‏أكْرَهُ ألاَّ تُكلِّم زَيدًا‏"‏ والمعنى‏:‏ أكْرَه تَرْكك كلامَ زَيدٍ، ومنه قولُه تَعَالى‏:‏ ‏{‏إلاَّ أَنْ يَخَافَا أنْ لا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏229‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏‏.‏

وَقَدْ يَشْتَرِكُ بالعَطْفِ بالوَاوِ، أو الفَاءِ، أوْ ثُمَّ أو فعلٌ آخرُ في ‏"‏أَنْ‏"‏ تقول‏:‏ ‏"‏أُرِيدُ أنْ تقومَ وتكرم زَيْدًا‏"‏ و ‏"‏أرِيدُ أنْ تَأْتِيَني فَتُؤْنِسَني‏"‏ و ‏"‏أرِيدُ أن تَجلِسَ ثُمَّ نَتَحدَّثَ‏"‏‏.‏

فإن كانَ الفِعْلُ الثاني خَارجًا عن مَعْنى الأَوّل كان مَقْطوعًا مُسْتَأْنَفًا أي لا يَتْبَعُ النَّصْب بأنْ نحو‏:‏ ‏"‏أُرِيدُ أن تَأْتِيَني، فتقْعُد عَني‏؟‏‏"‏ و ‏"‏أرِيدُ أنْ تُكْرِم بَكْرًا، فتهينه‏؟‏‏"‏ كما قال رُؤْبة أو الحُطَيئة‏:‏

والشِّعْرُ لا يَضْبِطُه من يَظْلِمُهْ *** إذا ارْتَقَى فيه الذي لا يَعْلَمُهْ

زَلَّتْ بِهِ إلى الحَضيضِ قَدَمُهْ *** يُريدُ أن يُعرِبه فيُعجِمُهْ

والشاهِد ‏"‏يُعْجمُه‏"‏ إذْ رفَعَه وقَطَعَهُ ولم يَعْطِفه، والعَطْفُ خَطَأٌ بالمَعْنَى، والمعنى‏:‏ فإذا هُو يُعْجِمُهُ، و ‏"‏أنْ‏"‏ أمْكنُ الحُرُوفِ في نَصْبِ الأفعال‏.‏ لذلك تَنْصِبُ ظَاهِرةً ومُضْمَرةً، فالظاهِرَةُ كما تَقَدَّم‏.‏

وأَمَّا المضمرَةُ‏:‏ فتُضْمَرُ وجوبًا في خمسَةِ مواضع‏:‏

بعد ‏"‏لامِ الجُحُود‏"‏ بعد ‏"‏أو‏"‏ بمعنى ‏"‏إلى‏"‏ أو ‏"‏إلاَّ‏"‏، بعد ‏"‏حَتَّى‏"‏، بعد ‏"‏فاء السَّببيَّة‏"‏، بعد ‏"‏واو المعيَّة‏"‏‏.‏

‏(‏=كُلاَّ في حرفه‏)‏‏.‏

وتُضمرُ جوازًا بعد خمسة أيضًا‏:‏

‏(‏1‏)‏ لام التعليل، إذا لَمْ يَسْبِقْها، كونٌ مَنْفِيٌّ، ولم يَقْتَرِن الفعل بـ ‏"‏لا‏"‏ الزائدة أو النافية، نحو ‏{‏وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ العَالَمينَ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏71‏"‏ من سورة الأنعام ‏"‏60‏"‏‏)‏ و‏{‏وَأُمِرْتُ لأَنْ أكُونَ أَوَّلَ المُسْلِمين‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏12‏"‏ من سورة الزمر ‏"‏39‏"‏‏)‏ فإن سُبِقت بالكون وجَبَ إضمار ‏"‏أَنْ‏"‏ وتكون اللامُ لامَ الجحود ‏(‏انظرها في حرفها‏)‏، وإنْ قُرِن الفِعلُ بـ ‏"‏لا‏"‏ النافية، أوِ الزَّائِدة، وَجَبَ إظْهَارُها، فالأَوَّل‏:‏ نحو ‏{‏لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏150‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏ والثاني‏:‏ ‏{‏لِئَلا يَعْلَمَ أَهْلُ الكِتَابِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏29‏"‏ من سورة الحديد ‏"‏57‏"‏‏)‏ أي ليعْلَمَ‏.‏

والأربعةُ الباقِيةُ ‏"‏الواوُ، الفاء، أَوْ، ثُمَّ‏"‏‏.‏ إذا كانَ العطفُ بها على اسمٍ صريحٍ‏.‏

فمِثالُ ‏"‏الواو‏"‏ قولُ مَيْسُون زَوجِ مُعاوِية‏:‏

وَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْني *** أَحَبُّ إليَّ مِنْ لُبْسِ الشُّفُوف

‏(‏وتقَر‏:‏ وتُسر، الشُّفُوفِِ‏:‏ واحِدُها شفْ وهي الثياب الرقيقة‏)‏

ومثالُ ‏"‏الفاءِ‏"‏ قَوْلُ الشاعر‏:‏

لَوْلاَ تَوَقُّعُ مُعْتَرٍّ فأُرْضِيَه *** ما كُنْتُ أُوثِرُ إتْرابًا على تَرَب

‏(‏التوقع‏:‏ الانتظار، المعتر‏:‏ السائل، الإتراب‏:‏ مصدر أترب إذا استغنى، والترب‏:‏ مصدر ترب إذا افتقر‏)‏

ومثال ‏"‏أو‏"‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أو يُرْسِلَ رَسُولًا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏51‏"‏ من سورة الشورى ‏"‏42‏"‏‏)‏ ومثال ‏"‏ثُمَّ‏"‏ قولُ أَنَس بن مُدْرِكة الخَثْعمي‏:‏

إِنِّي وَقَتْلِي سُلَيْكًا ثُمَّ أَعْقِلَهُ *** كالثَّورِ يُضرَبُ لمَّا عَافَتِ البَقَرُ

والنصب بـ ‏"‏أَنْ‏"‏ مُضْمَرة في غيْرِ مَا مَرَّ شَاذٌ كقولهم في المثل ‏"‏تَسمعَ بالمُعَيْدي خَيْرٌ من أَنْ تَرَاه‏"‏ ‏(‏للمثل روايات منها هذه، ومنها‏:‏ سَمَاعُك بالمُعَيْدي ومنها‏:‏ أَنْ تَسمعَ بالمعيدي، ويضرب هذا المثل في الرجل تسمع عنه أكثر مما ترى فيه‏)‏‏.‏ وقول الآخر‏:‏ ‏"‏خُذِ اللِّصَّ قَبْلَ يَأخُذَكَ‏"‏‏.‏

ولا يجوزُ - عند البَصْريين - النصبُ على إضمار ‏"‏أَنْ‏"‏ في غير ما تقدَّم وبعضهم يُجيزه واسْتَشْهد بقول طَرَفة‏:‏

أَلاَ أيُّهذا الزَّاجري أحضُرُ الوَعَى *** وأنْ أَشْهَدَ اللَّذاتِ هل أَنْتَ مُخْلِدِي

ويُنشِده سيبويه بضم الراء من أَحْضُرُ مع اعتِرافه أنَّ أصْلَها‏:‏ أنْ أحْضُرَ‏.‏

وبعضهم‏:‏ يرويها‏:‏ أحْضُرَ بالنصب على تقدير أن، وحسن ذلك عنده قول الشاعر بعدها‏:‏ وأنْ أشهد‏.‏

إنْ الزَّائِدَة‏:‏

أَكْثَرُ ما تُزَادُ ‏"‏إن‏"‏ بعد ‏"‏مَا‏"‏ النَّافية إذا دَخَلَتْ على جُمْلةٍ فِعْليَّةٍ، نحو قَوْلِ النَّابغةِ الذُّبْيَاني‏:‏

ما إنْ أَتَيْتُ بِشَيْءٍ أَنْتَ تكرَهُهُ *** إذَنْ فَلا رَفَعَتْ سَوْطِي إليَّ يَدي

فإنْ هنا زائدة لتَوْكِيدِ النفي‏.‏

أو جملةٍ اسمية كقولِ فَرْوة بن مُسَيْك‏:‏

فما إنْ طِبُّنَا جُبْنٌ ولكنْ *** مَنَايَانَا ودُوْلَةُ آخَرِينا

‏(‏طِبُّنا‏:‏ شأننا وعادتنا، والعلة والسبب‏)‏

وَفِي حَالَةِ دُخُولِهَا على الجُمْلَةِ الاسْمِيَّةِ تَكُفُّ عملَ ‏"‏مَا‏"‏ الحِجَازِيَّة وقج تَزْدَادُ بعد ‏"‏مَا‏"‏ المَوْصُولةِ الاسْمِية كقول جابِر بنِ رَأْلان‏:‏

يُرَجِّي المرءُ مَا إنْ لا يَراه *** وَتَعرِضُ دُونَ أَدْنَاهُ الخُطُوبُ

وبعد ‏"‏ما‏"‏ بمَعْنى حين، كقول جابر بن رَأْلانَ‏:‏

وَرَجِّ الفَتَى للخَيْرِ ما إنْ رَأَيْتَهُ *** على السِّنِّ خيرًا لا يَزَالُ يَزيدُ

وبعد ‏"‏ألا‏"‏ الاسْتِفْتَاحِيَّة كقَول المَعْلُوطِ القُرَيْعي‏:‏

أَلا إنْ سَرَى لَيْلي فَبِتُّ كَئِيبًا *** أُحَاذِرُ أَنْ تَنْأَى النَّوى بِغَضُوبا

إنْ الشرطيّة‏:‏

هِيَ حرفٌ وَتَقَعَ على كُلِّ ما وَصَلتْها به زَمانًا كانَ أو مَكانًا أو آدَمِيًّا أو غَيرَ ذلك‏.‏

تقول‏:‏ ‏"‏إنْ يأتِني زَيْدٌ آتِه‏"‏ و ‏"‏أنْ يَقُمْ في مَكانِ كَذَا أَقُمْ فِيه‏"‏‏.‏

وهي أصْلُ أَدَواتِ الشَّرطِ لأَنَّه يُجَازَى بها في كلِّ نوع نحو‏:‏ ‏{‏وإنْ تَعُودُوا نَعُدْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏19‏"‏ من سورة الأنفال ‏"‏8‏"‏‏)‏‏.‏ و‏{‏إنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏38‏"‏ من سورة الأنفال ‏"‏8‏"‏‏)‏ وهي و ‏"‏أذْ مَا‏"‏ ‏(‏=إذ ما‏)‏‏.‏ حَرْفَانِ مِنْ أدَواتِ الشَّرط‏:‏ وما عداهما أسماء، وتُفِيد ‏"‏إن‏"‏ الاسْتِقْبَال‏.‏ وقدْ تَقْتَرِنُ بـ ‏"‏لاَ‏"‏ النَّافِيةِ نحو ‏{‏إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏41‏"‏ من سورة التوبة ‏"‏9‏"‏‏)‏، ‏{‏إلاَّ تَنْفِرُوا يُعذِّبْكُمْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏40‏"‏ من سورة التوبة ‏"‏9‏"‏‏)‏‏.‏

وإنْ لَمْ تَجزِم فالفَصلُ بينها وبينَ مَا عَمِلَتْ فيه في الظاهر جائز كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإنْ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكين اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏6‏"‏ من سورة التوبة ‏"‏9‏"‏‏)‏‏.‏

وجَازَ هَذا لأَنَّها أَصلُ الجَزَاء، أَمَّا غَيرهَا مِنَ الأدواتِ فلا يَصِحُّ فيْها الفَصْلُ وكلمةُ ‏"‏أحَدٌ‏"‏

في الآية فاعِلٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ يُفسِّره الفِعْلُ المَذْكُور التَّقدير‏:‏ وإنْ اسْتَجَارَكَ أحَدٌ‏.‏

‏(‏=جوازم المضارع‏)‏‏.‏

إنْ المخَفّفَة مِنَ الثّقيلة‏:‏

وَتَدْخُلُ على الجُمْلَتَيْنِ‏:‏ الفِعليَّةِ والاسميَّة فإنْ دَخَلتْ على الاسميَّةِ جَازَ إعْمالُها نحو ‏{‏وَإنْ كُلاَّ لمَّا لَيُوَفَّيَنَّهُمْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏111‏"‏ من سورة التوبة ‏"‏9‏"‏‏)‏‏.‏

ولا تَحْتَاجُ العَامِلَةُ إلى لامٍ، وإنْ وُجِدَتْ فهي لَلامُ التَّوكيد‏.‏

وَيَكْثُرُ إهْمالُها، وَتَلْزَمُ في حَالَةِ إهْمَالِها‏:‏ ‏"‏لاَمَ الابْتِدَاء‏"‏ وتُسمَّى الفَارِقة، لأنها فَارِقَةٌ بَيْنَها وبينَ ‏"‏إن‏"‏ النافية، نحو ‏{‏وَإنْ كُلُّ ذَلِكَ لما مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏35‏"‏ من سورة الزخرف ‏"‏43‏"‏‏)‏‏.‏

‏{‏وَإِنْ كُلِّ لَمَا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُون‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏32‏"‏ من سورة يس ‏"‏36‏"‏‏)‏، ومثل ذلك قول النابغة‏:‏

وإنْ مَالِكٌ لَلْمُرْتَجَى إنْ تَقَعْقَعَتْ *** رَحَى الحَرْبِ أو دَارَتْ عَليَّ خُطُوبُ

وقَدْ يُغْني عن اللَّام قَرِينَةٌ لَفْظِيَّة كـ ‏"‏لا‏"‏ نحو ‏"‏ إنِ الحَقُّ لاَ يَخْفَى على ذِي بَصِيرَة‏"‏ فالقَرينَة هنا‏:‏ لا النافية، لأنَّ لامَ الابْتداء لا تَدْخُلُ عَلى النَّفي‏.‏

وإنْ دَخَلتْ على الفِعْل أُهْمِلَتْ وُجُوبًا‏.‏ والأكْثَرُ كَوْنُ الفِعْلِ مَاضِيًا نَاسِخًا نحو‏:‏ ‏{‏وَإِنْ كَانَتْ لكَبِيرةً إلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى الله‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏143‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏ ‏{‏وإنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَك‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏51‏"‏ من سورة القلم ‏"‏68‏"‏‏)‏‏.‏

ويُقاسُ على النَّوعَين اتفاقًا، ودون هذا أن يكونَ مَاضيًا غيرَ ناسِخٍ نحو قولِ عاتِكَةَ بنتِ زيدٍ نَرثي زَوْجَها الزبيرَ بنَ العوَّامِ‏:‏

شَلَّتْ يَمينُكَ إنْ قَتَلْتَ لمُسلمًا *** حَلَّتْ عَلَيْه عُقُوبَةُ المُتَعَمِّدِ

ودون هذا أن يكونَ مُضارعًا غير ناسِخٍ‏.‏ نحوَ قولِ بعضِهم ‏"‏إنْ يَزِينُك لَنَفْسُك‏"‏‏.‏ ولا يُقاسُ عليهِ إجْمَاعًا‏.‏